تحدي الزمن- تيريم وجيسوس، أساطير التدريب في الدوري السعودي

في ساحة كرة القدم السعودية، وقف شامخان تجاوزا السبعين من العمر، يواجهان تحديات الزمن بعزيمة ثابتة وشغف متقد، وذلك منذ انطلاق دوري المحترفين السعودي عام 2008.
اسمان لامعان أنارا سماء دوري روشن، ليس بفضل خبرتهما التدريبية الثرية فحسب، بل أيضًا بفضل سنوات عمرهما المديدة، التي تعدت حدود المألوف.
الفذ فاتح تيريم، المُلقب بـ«الإمبراطور» في الأراضي التركية، والعبقري جورجي جيسوس، المدبر الخططي البرتغالي، يعتبران من بين أكابر المدربين الذين مروا بتاريخ الدوري السعودي، وقد تزاملا سويًا في منافسات الموسم الفائت، قبل أن يغادر كلاهما في نهاية الموسم، ليعود الشيخ الأخير لقيادة فريق النصر الأول لكرة القدم، بعد أن كان قد صاغ استراتيجيات الهلال، خصمه اللدود.
ولد فاتح تيريم في الرابع من سبتمبر عام 1953 في مدينة أضنة التركية، ودخل معترك التدريب متمتعًا بلقب «الإمبراطور»، الذي ناله بفضل إنجازاته الباهرة مع فريق غلطة سراي ومنتخب تركيا الوطني.
عندما حلّ في نادي الشباب في ديسمبر من عام 2024، كان يبلغ من العمر 71 عامًا، ليصبح بذلك أحد أكبر المدربين سنًا في سجل دوري المحترفين السعودي، محتضنًا في جعبته ما يقارب 16 بطولة متنوعة.
تولى تيريم قيادة فريق الشباب في 23 مباراة، وتمكن من تحقيق 12 انتصارًا، بالإضافة إلى أربعة تعادلات، بينما تلقى سبع هزائم، وهي نتائج تعكس أداءً حسنًا لفريق يتوق إلى استعادة مكانته المرموقة بين صفوة الكبار.
لم تقتصر بصمة تيريم على النتائج وحسب، بل امتدت لتشمل التطوير الفني الشامل، الأمر الذي أكسبه تقديرًا رفيعًا، ورغم أن فترة ولايته لم تشهد تحقيق ألقاب، إلا أن حضوره كان له تأثير بالغ «تجاوز تأثيره حدود الملعب»، بحسب ما عبرت به إدارة نادي ليث العاصمة في وداعها له قبل أسابيع.
في الجانب الآخر من العاصمة الرياض، قاد المخضرم جورجي جيسوس، الذي أبصر النور في 24 يوليو من عام 1954 في أمادورا بالبرتغال، بعمر يناهز الـ70 عامًا، فريق الهلال إلى الفوز بخمسة ألقاب خلال ولايتين متميزتين، مستندًا إلى تاريخ حافل بالإنجازات يمتد إلى 24 بطولة، حققها طيلة مسيرته المهنية مع أندية فلامينجو البرازيلي، وسبورتينج لشبونة، بالإضافة إلى براجا البرتغالي، وفنربخشة التركي.
عاد جيسوس إلى دفة قيادة الهلال في يوليو من عام 2023 في ولاية ثانية، بعد تجربة أولى قصيرة في الفترة ما بين 2018 و2019، والتي انتهت بإقالته بعد مضي ستة أشهر فقط، على الرغم من تصدره للدوري في ذلك الحين. وفي ولايته الثانية، أثبت جيسوس أنه لم يحضر لإكمال مهمة سابقة وحسب، بل لصنع تاريخ جديد ومجيد.
قاد جيسوس الهلال لتحقيق ثلاثية تاريخية في الموسم قبل الماضي، حيث فاز بالدوري، وكأس الملك، وكأس السوبر، إضافة إلى الفوز بكأس السوبر في بداية ونهاية عهد الكفاءات المحلية.
إن فاتح تيريم وجورجي جيسوس ليسا مجرد مدربين طاعنين في السن، بل هما تجسيد حي للشغف والعزيمة والإصرار الذي لا يلين.
تيريم، بشخصيته الجذابة والكاريزمية الفذة، ألهم الشباب وترك بصمة لا تُنسى، بينما جيسوس، بفضل تكتيكاته الذكية واستراتيجياته المبتكرة، حطم أرقامًا قياسية، وسجل اسمه بأحرف من ذهب في سجل الأبطال، ويتطلع إلى تحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات في مهمته الجديدة مع فريق النصر خلال هذا الموسم.